lundi 18 août 2014

افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للجامعة الصيفية بالحسيمة



افتتحت أولى أيام الدورة الثالثة للجامعة الصيفية بالحسيمة حول مسلكي علم النفس (السيكولوجيا) وعلم الإجتماع (السوسيولوجيا) تحت شعار: "الظواهر النفسية والإجتماعية في منطقة الريف وتأثيرها على تطور المنطقة" المنظمة من طرف جمعية ريف القرن 21 بشراكة مع مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات، صبيحة يوم الخميس سابع غشت 2014 بمقر الجهة، بكلمة من رئيس الجمعية ياسين الرحموني الذي بدأ كلمته بالشكر الحار لجميع الحاضرين والمساهمين في إنجاح الدورة الثالثة من الجامعة الصيفية وقد خص بالذكر الدكتور محمد بودرا رئيس المجلس الجهوي والكاتب العام للمجلس وجميع الأساتذة المحاضرين الذين لم يبخلوا على منطقة الريف وأبناءها بنقطة من علمهم،  بل تحملوا مشاق السفر في هذا الجو الحار، ليبصموا بصمتهم و يشجعوا الشباب على اقتحام الميدان، ليكونوا خير خلف لخير سلف، وقد قدم الأستاذ ياسين الرحموني  نبذة عن مواضيع الجامعة الصيفية التي تتميز هذه السنة بحضور مميز من ثلة من الأساتذة والدكاترة المعروفين على الصعيد الوطني فاهتمام الجمعية بموضوع هذه السنة الذي يعتبر مهما، لم يأت من فراغ بل جاء بعد دراسة طويلة وتفكير عميق في مواضيع هامة تساعد الشباب الريفي أولا على الاستفادة وتقوية روح التعلم وطلب العلم و اكتساب المعرفة خاصة وأننا نعاني من نقص حاد في المجال المعرفي المتعلق بعلمي الاجتماع والنفس، بعد ذلك تمت قراءة سورة الفاتحة على روح الطالبة إلهام العرابي التي غادرتنا في الدورة الأولى من الجامعة وروح الفقيد الحسين الإدريسي الذي غادرنا في الدورة الثانية من الجامعة والدعاء لهم بالمغفرة وحسن المقام.

ثم بعد ذلك سلم الأستاذ ياسين الرحموني الكلمة للدكتور محمد بودرا الذي أشاد كما يشيد دائما بنشاط الجمعية وأهدافها التي تسعى دائما إلى تطوير المنطقة وتنميتها وأشاد كذلك بحضور الأساتذة المحاضرين والأساتذة ضيوف الشرف وجميع الحاضرين، بعد ذلك أوضح الدكتور محمد بودرا أن شباب منطقة الريف وسكانها يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية مترسبة وشائكة قد لا تبدو في الظاهر لكنها في العمق موجودة، وما يفسر هذه المشاكل هو تعاطي الشباب لمختلف أنواع  المخدرات والهجرة إلى خارج البلاد لاكتشاف بلد ديمقراطي متميز بحريته في اعتقادهم، ليفاجئوا بعالم آخر، وقد أضاف أنه من الضروري استغلال فرصة إيلاء الملك الرعاية بمدينة الحسيمة للمساهمة في إغناء المسار الإيجابي لتنمية المنطقة،  وقد اعتبر الدكتور أن الجامعة الصيفية مكتسب من مكتسبات مسار التطور الذي عرفته المنطقة منذ زيارات الملك محمد السادس لها  منذ سنة 1999،  كما دعا إلى الإسراع في معالجة هذه المشاكل النفسية لكي لا تؤدي إلى الكفر بالوطن رغم أن الريفيين مرتبطون بالأرض ارتباطا وثيقا والدليل على ذلك هو الزيارات المتتالية من طرف الجالية المغربية للمنطقة رغم العراقيل التي تعيق عودتهم إلى أرض الوطن، وقد أنهى كلمته بالشكر الخالص للجمعية على هذه الأنشطة الهامة والإلحاح على تنظيمها كل سنة.

وقد تميزت حصص اليوم الصباحية بحضور مكثف من طرف شباب المنطقة من آيت بوعياش وإمزورن وبوكيدان وأجدير الذين وفرت لهم وسيلة نقل لتسهيل حضورهم والتحاقهم بالحصص المنظمة، بالإضافة الى المشاركين من الحسيمة المركز وبعض المدن المغربية الأخرى وتتناول حصص الجامعة الصيفية محاضرات مهمة بمواضيع غاية في الاهتمام بمنطقة الريف من قبيل تأثير الكوارث الطبيعية والإنسانية على نفسية سكان منطقة الريف، التحولات الاجتماعية في الريف خلال القرن العشرين، آفاق الحق في الصحة النفسية مثال منطقة الريف، العوامل المؤثرة في النفسية العاطفية للشخص وتؤطر هذه المواضيع من طرف أساتذة جامعيين من بينهم الدكتور أحمد الحمداوي والدكتور ميمون أزيزا والدكتور الحسين بوضيلاب والدكتورة الإسبانية صارة كسانيا والدكتور محمد اشتاتوا الذي تعذر عليه الحضور لظروف صحية.

استهلت الحصة الصباحية الأولى بمحاضرة للدكتور أحمد الحمداوي الذي تناول في حديثه موضوع تأثير الكوارث الطبيعية والإنسانية في نفسية سكان منطقة الريف وقد قدم في البداية تصنيفا للكوارث الطبيعيية التي تختصر في الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات، والكوارث الانسانية التي تتجلى في سقوط الطائرات وغرق البواخر وحوادث التكنولوجيا وانفجار القنابل في الريف والاغتصابات والسياحة الجنسية والتسول ومرض السرطان الذي فتك ولازال يفتك بسكان منطقة الريف والذي خلف تشوهات عضلية وعظمية وأمراض نفسية والعمى، هذه النتائج تعتبر من مخلفات الحرب في الريف، وقد تحدث أيضا عن الأمراض النفسية التي تسببت فيها الهجرة نحو الداخل في عام الجوع والهجرة نحو الجزائر ونحو أوروبا والمشاكل النفسية التي عانى منها سكان منطقة الريف إبان خوضهم الحرب في إسبانيا بعد ما كانوا يعملون ليلا ونهارا لقاء أجر زهيد ومعاملة سيئة من طرف الإسبان حيث تم تشغيل 400 قاصر و80000 ريفي مسجل في الوحدات العسكرية لإسبانيا، وهذا ما سماه الأستاذ الحمداوي بزلازل إنسانية، كما أضاف أن الريفيين دائما ما يعتبرون أنفسهم ضحايا بعد كل هذه الكوارث الإنسانية والطبيعية التي مرت بهم وهذا ما يصعب عملية العلاج، إذن فالاعتراف بالمرض جزء من العلاج وجبر الضرر هو العلاج كله وأكد على ضرورة المشاركة في مشروع البناء والضحايا لابد أن يتحولوا إلى فاعلين في تطوير المنطقة، كما أضاف أن الخوف من الموت أصعب من الموت نفسه، كما أن الاستقرار النفسي يؤدي إلى الترابط مع الثقافة المحلية والكوارث هي التي تزعزع ذلك الاستقرار النفسي، وقد أنهى محاضرته بتوصيات أهمها: تعزيز مشاريع التنمية في الشمال، محاربة الإقصاء الطبي والاجتماعي والاقتصادي بجهة الشمال، خلق دراسات لحاجيات المنطقة، خلق جامعة بالريف تكريما لعبد الكريم الخطابي وتضحياته لأنه ليس رجلا فقط بل هو جيل وقوة وثورة وطاقة ولابد من تكريمه تكريما فعليا.

بعد انتهاء المحاضرة الأولى نظمت استراحة شاي على شرف الحاضرين ليتم بعد ذلك الاستمرار في تقديم المحاضرتين المتبقيتين.

بعد استراحة الشاي تفضل الدكتور ميمون أزيزا بإلقاء محاضرته حول التحولات الاجتماعية في الريف خلال القرن العشرين وقد تحدث عن دور التاريخ في مساعدتنا على فهم الحاضر، بمعنى أن هناك علاقة بين ماضي الشعوب وحاضرها ثم أدرج ضمن حديثه أن قراءتنا للتحولات الاجتماعية في الريف تندرج في إطار ربط الماضي بالحاضر. فكما هو معروف عند علماء الاجتماع فإن التحولات الاجتماعية لا تحدث بطريقة فجائية وإنما عبر مسلسل طويل و معقد تساهم فيه عوامل اقتصادية، سياسية واجتماعية.

وقد هدفت محاضرة الدكتور إلى الوقوف عند المحطات الأساسية لتاريخ الريف خلال القرن العشرين من أجل تحديد العوامل الأساسية التي ساهمت في التحولات التي عرفها الريف، وذلك من خلال استنطاق مجموعة من الوثائق والكتابات التاريخية.

اما المحاضرة الموالية التي كانت تحت عنوان: الهجرة الدولية والتحولات السوسيو ثقافية بالريف، للدكتور الحسين بوضيلاب فانصبت حول اعتبار الهجرة ظاهرة قديمة ارتبطت بالإنسان منذ ظهوره، غير أن أشكالها وأبعادها واتجاهاتها وأسبابها ونتائجها تنوعت وتعددت حسب المراحل التاريخية، واللافت للانتباه في الوقت الراهن هو تزايد حدتها وشموليتها وتداخل اتجاهاتها. وتكتسي الهجرة الدولية أهمّية كبيرة ومتزايدة نظرًا لتاريخها الطّويل وحجمها الكبير، ولدورها المتزايد من النّاحية الثّقافية في بلدان الأصل والاستقبال. وقد قدرت الأمم المتحدة سنة 1998 عدد الأشخاص الذين يعيشون خارج أوطانهم بـ 125 مليون شخص. لذا، تشكل ظاهرة الهجرة إحدى القضايا الكبرى التي تستوجب الدراسة والتتبع، نظرا لما تعرفه من تطورات، ولعلاقتها الوطيدة بالتنمية الشاملة بالمناطق التي تفرزها، بغض النظر عما تخلفه من مشاكل اجتماعية وثقافية.

 












Aucun commentaire: